الأربعاء، 23 مارس 2011

من فوق ، تبدو الحكاية غريبة !

ذلك العالم الواسع حولنا يمتد إلى حيث ما لا نعلم ، و رغم إتساعه فإنه ينعكس داخل أدمغتنا الصغيرة . منّا من يظن أن العالم في حجم أدمغتنا الصغيرة  ، و منّا من يعتقد أن أدمغتنا اتسعت لتحتوي ذلك الكون الفسيح . البعض يختار أن ينظر من ثقب لا يقدر على منافسة رأس عود الكبريت في حجمه ! و الآخر يختار أن يحطم تلك الجدران ، و أن يسمح للنور بأن يدخل غرفته المظلمة . لكل ثقب مشهد يطل عليه ، ثقب لا ترى من خلاله إلا حفنة من الدنانير ! و ثقب ترى من خلاله النساء و الشهرة ! البشر ينتقلون من ثقب لآخر ، يملون من واحد ، فما يلبثوا أن ينتقلوا بأعينتهم بحثا عن منفذ آخر يهدئون به نهم غرائزهم التي لا تشبع .

عندما أعتلى بنيان مرتفع ، و أرى الدنيا من فوق ! أتذكر الدكتور مصطفى محمود عندما اعتلى ذلك البرج المرتفع ثم روى لنا " من على ارتفاع شاهق يبدو كل الناس مثل بعض، يبدون كالنمل، سحنتهم واحدة، وهيكلهم واحد.. مجرّد نقط تندفع في اتجاهات متعددة " ، "والحكاية كلها تبدو لك من فوق حكاية مضحكة غير مفهومة" .  بالفعل ، من فوق تبدو الحكاية غريبة ! أناس تجرى ، تدافع و تتسابق على الوهم ، إلا من رحم ربّي !

السبت، 19 مارس 2011

الإقبال تاريخي يا فندم !

اليوم 19 مارس ، عيد الديموقراطية المصري الأول . لجان الإستفتاء ممتلئة ، أناس يصطفون في شكل حضاري لكي تتم عملية الإقتراع في سهولة و يسر . ربما يحمل في كل منهم فكرة مختلفة و رأيا مختلفة ، لكن كلهم أجمعوا على حب الوطن و المشاركة في تقرير مصيره .
اليوم ذهبت لأدلي بصوتي و توجهت لأقرب لجنة من منزلي ، دخلت فوجدت مقرين ، أحدهم للنساء و الآخر للرجال .
و رغم العدد غير المسبوق أن شهدته مصر في تاريخها من المشاركين في عملية ديموقراطية ، إلا أن كل شىء كان منضبطا كالساعة . أناس تدخل و تخرج دون مشاكل أو تعثّر ! قلت في نفسي " الحمد لله ، إنني أرى مصر جديدة ! " . وقفت في دوري خلف رجلين يبدو عليهم كبر السن . كان صوتهم عال لدرجة أني استطعت أن أسمعهم دون أي تأثر بأي ضوضاء حولنا . كلامهم جعلني فخورا بجيلي ، ذلك الجيل الذي طالما أُتّهم بالسلبية و الضعف و أنه جيل << نايتي >> . قال أحدهم للآخر " هذا الجيل حقق ما كنا لا نستطيع حتى أن نحلم به ، هذا الجيل الذي كنا نتهمه بالسلبية و الخنوع و الضعف " ، ثم استطرد مثنيا على دور الجيش المشرّف و الرائع .

أجمل ما لاحظته في تلك الجموع المشاركة هو السعادة التي تبدو على وجهها ، كلنا ذهبنا بدافع حب وطننا ، ولم نذهب قهرا أو جبرا .
قد يكون هناك بعض الناس قد صوتوا دون وعي كاف ، وقد يكون هناك  أناس تم إستغلالهم باسم الدين . إلا أني عن قناعة أن كل شىء لا يأتي مرة واحدة ، و يكفي أننا اليوم تذوقنا طعم الحرية و لأول مرة لا ندرك نتيجة استفتاء قبل اجرائه !

الجمعة، 11 مارس 2011

ديماغوجية شديدة !

نادرا ما أدخل السينما ، و عدد الأفلام التي شاهدتها داخل قاعاتها المغلقة محدود . فيلم السفارة في العمارة كان أحد هذه الأفلام . و بغض النظر على تحفظاتي على الفيلم ، إلا أن الفيلم قدم فكرة فنية جديدة و عرض القضية المعني بها بصورة تحرك حماسة من يشاهده . استوقفتني جملة " ديماغوجية شديدة " لأني لم أكن أعرف معنى كلمة " ديماغوجية ". و ظللت لا أعرف معناها منذ ذلك الحين حتى خطرت هذه الكلمة ببالي مرة أخرى ، فبحثت عن معناها في < جوجل > .

و تعريفها كالتالي في ويكيبيديا :
" استراتيجية سياسية للحصول على السلطة والكسب للقوة السياسية من خلال مناشدة التحيزات الشعبية معتمدين على مخاوف وتوقعات الجمهور المسبقة، عادة عن طريق الخطابات والدعاية الحماسية مستخدمين المواضيع القومية والشعبية.

أما اليوم ، فهي تدل على مجموعة الأساليب والخطابات والمناورات والحيل السياسية التي يلجأ إليها السياسيون لإغراء الشعب أو الجماهير بوعود كاذبة أو خداعه وذلك ظاهرياً من أجل مصلحة الشعب، وعملياً من أجل الوصول إلى الحكم. قد اعتاد الكثير من السياسيين اللجوء لاستخدام أساليب السفسطة واللعب على مشاعر ومخاوف الشعوب، ويعتبر بعض السياسيين أفضل من غيرهم وربما محترفون في ذلك. وعليه فهي خداع الجماهير وتضليلها بالشعارات والوعود الكاذبة. والديماغوجية هي أحد الأساليب الأساسية في سياسة الأحزاب البرجوازية. وهي موقف شخص أو جماعة يقوم على إطراء وتملق الطموحات والعواطف الشعبية بهدف الحصول على تأييد الرأي العام استناداً على مصداقيته. والديماغوجي هو الشخص الذي يسعى لاجتذاب الناس إلى جانبه عن طريق الوعود الكاذبة والتملق وتشويه الحقائق ويؤكد كلامه مستنداً إلى شتى فنون الكلام وضروبه وكذلك الأحداث، ولكنه لا يلجأ إلى البرهان أو المنطق البرهاني لأن من حق البرهان أن يبعث على التفكير وأن يوقظ الحذر، والكلام الديماغوجي مبسط ومتزندق، يعتمد على جهل سامعيه وسذاجتهم. وتطلق أحياناً على المتمدنين أي سكان الأرياف الذين سكنوا المدن "

-

ما يستوقفني في هذا التعريف أنه هو الحال في كثير من البلدان و خصوصا بلدان العالم الثالث . حيث يكون هناك تلاعب بعواطف البشر و محاولة إخافتهم ، و بالطبع هذا يكون أسهل في بلاد تعم فيها الأمية و الجهل و التخلف .  لذلك فالتصدي لهذه الديماغوجيا لن يكون إلا بتحقيق الوعي و نشر التعليم الراقي القائم على المنطق و البرهان . و بحمد الله إذا نظرنا لمصر ، سنجد أن الفرصة مواتية لنحقق الوعي المطلوب للبشر .  إذا لم يستغل المثقفون و أصحاب الكلمة المسموعة هذه الفرصة ، فسيكونون مقصرين في حق وطنهم الذي يحتاج إليهم .
لأننا لا نريد ديماغوجيا مرة أخرى !